غرب كردفان-سودان سكوب

يعد قطاع الثروة الحيوانية في السودان بمثابة القطاع الثاني بعد الزراعة من حيث الأهمية الاقتصادية وكحرفة يمتهنها طيف واسع من السكان، لاسيما في سهول (البطانة وكردفان ودارفور).

عند اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع واجه هذا القطاع مصاعب كبيرة، لاسيما في كردفان ودارفور، وخاصة كردفان في شمالها وغربها. قبل الحرب، كانت حركة الرعاة تسير في المراعي الممتدة من (أم بادر وحمرة الشيخ) شمالا، وحتى مناطق (بحر العرب وجبال النوبة) جنوبا، على طوال العام. هذا فيما يخص قطعان التربية. أما قطاع التجارة، حيث توجد أسواق في مناطق دارفور وكردفان فإنه بعد تجميعها والسير بها شرقا لتتم عملية الحجر الصحي في محاجر (الخوي والرهد وبارا) لتكون جاهزة للتصدير، ويتم شحنها في جرارات لتصل إلى ميناء سواكن على البحر الأحمر.

عند توسع دائرة الحرب وخضوع أجزاء من هذه المناطق لسيطرة قوات الدعم السريع، وأخرى تحت سيطرة الجيش، واجه هذا القطاع صعوبات كثيرة وكبيرة، أضحت مهددة بانهيار هذا القطاع الحيوي، حيث إغلاق الطرق حال دون ترحيل الصادر من الماشية، فضلا عن عمليات السلب والنهب والسرقة التي أصبحت ممنهجة، مما زاد التكاليف. وظهر بعض الأشخاص المسلحين، يطلق عليهم المطوفين، وهم من أبناء المناطق، ظهروا بسبب غياب الدولة وأجهزتها الأمنية. مثلا، لديك قطعان من صادر الضأن تم تجميعها من سوق (غبيش) يتم الاتفاق مع المطوفين لحراستها حتى تصل إلى مدينة (النهود) مقابل مبلغ مالي متفق عليه.

ومع ذلك، لم تسلم القطعان من النهب والسلب، فضلا عن وجود ما يسمى (البوابات) على طول الطرق، وهي تتبع لمجموعات قبلية مسلحة استغلت الفراغ الأمني لتمارس مهنة التحصيل المالي، وعند دخول مناطق سيطرة قوات الدعم السريع يتم حجز القطعان ومنعها من المرور، وتتم المساومة على مبلغ كبير، وبعد دفعه يسمح بالمرور. ولكن في مرحلة لاحقة، بعد أن أصدرت قيادة قوات الدعم السريع قرارا بمنع مرور صادرات كردفان ودارفور من المنتجات الزراعية والحيوانية إلى مناطق سيطرة الجيش، عانى التجار كثيرا، واتخذوا طرقا بديلة، حيث اتجهوا إلى الشمال، منطقة (الدبة) مرورا بـ (المزروب)، وهي مناطق تعاني من شح المياه مما زاد التكلفة، فضلا عن عمليات الشحن عالية التكلفة لارتفاع أسعار الوقود الذي يجلب من منطقة (المثلث) في الحدود السودانية الليبية، ثم شحنها إلى الميناء أو بالبر إلى دولة مصر.

أما قطاع التربية فقد تضرر كثيرا بسبب الحرب، حيث تركزت القطعان في رقعة محددة، وواجهت مشكلة الماء ولم تف الآبار (الدوانكي) بالكميات المطلوبة من المياه لعدم توفر الوقود، حيث ارتفع سعر سقية القطيع، مع عدم توفر أسواق لبيع الذكور من الضأن لمواجهة المنصرفات. ويقوم الملاك ببيعها في عملية الإحلال والإبدال في القطيع سنويا بحيث تقليل عدد الذكور وتعويضها بالإناث، وكذلك عدم توفر الدواء، وإذا توفر يكون بأسعار مرتفعة جدا.

كذلك اندلاع الموجهات المواجهات العسكرية المباشرة في المناطق الممتدة بين (الخوي) و(النهود) حيث تعتبر مراعي للحيوان، أدت إلى نفوق الكثير من الماشية نتيجة لتساقط الرصاص وانفجار الدانات بشكل مباشر على القطعان، فضلا عن إن الحرب أدت إلى حرائق أضرت بالمراعي.

في ظل هذه الأوضاع يتم نهب كميات كبيرة من القطاع من قبل قوات الدعم السريع والسير بها جنوبا إلى مناطق (أبو زبد) و(أبو قلب) و(قليصة) و(الفولة)