كرياندونغو-أوغندا
في ظل صمت دولي يكاد يكون مطبقًا، يتعرض اللاجئون السودانيون الفارين من جحيم الحرب في بلادهم، لهجمات وحشية ومتكررة في مخيم (كرياندونغو) بدولة أوغندا. هذه الاعتداءات، التي بدأت في العاشر من يوليو الجاري، خلفت قتيلاً وعشرات الجرحى، ونتيجة لهذه الهجمات المتواصلة، اضطرت أعداد كبيرة من الأسر والأفراد إلى النزوح مجددًا، حيث توجه بعضهم إلى قطاعات أخرى أكثر أمانًا، بينما فر آخرون نحو مدينتي بيالي وكمبالا، بحثًا عن أي بصيص أمل في الأمان.
بعد ضغط دولي ومحلي، اتخذت الحكومة الأوغندية، تدابير لحماية اللاجئين السودانيين في المخيم بمدينة (بيالي) . شملت هذه التدابير فرض حظر تجوال جزئي يبدأ من السابعة مساءً وحتى السابعة صباحًا، ونشر قوات كبيرة من الجيش في المخيم لمنع أي هجوم جديد.
في ظل هذه الأوضاع المأساوية، أصدرت العديد من الجهات بيانات استنكار ونداءات استغاثة، حيث عبر التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود" عن أسفه وقلقه البالغ إزاء الهجمات، مؤكدًا تواصله مع الحكومة الأوغندية لضمان أمن اللاجئين وتوفير الرعاية الطبية للمصابين. وأشادت "صمود" بتجاوب القيادة الأوغندية، لكنها دعت إلى اتخاذ إجراءات فورية لتأمين اللاجئين وملاحقة المعتدين، كما أدان تحالف السودان التأسيسي (تأسيس) الاعتداءات، مؤكدًا ثقته في أن الحكومة الأوغندية ستولي الأمر أولوية. وتعهد التحالف بمواصلة التواصل مع الحكومة الأوغندية لمتابعة أحوال اللاجئين.
تحدثت "سودان سكوب" إلى الأستاذ/ صلاح الأمين، الخبير في العمل الإنساني، حول أسس حماية اللاجئين، والذي أشار بدوره إلى أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هي الوكالة المسؤولة عن حماية اللاجئين، بالإضافة إلى الدول المضيفة التي يقع على عاتقها توفير الحماية الأساسية من مأوى وغذاء وتعليم وصحة، فضلاً عن الحق في التواصل والمساعدة في الاندماج.
وأضاف تُقدم المنظمات الأممية والوكالات والمنظمات غير الحكومية الشريكة خدمات وحماية متخصصة. ولتحقيق حماية فعالة، يجب أن يكون هناك تنسيق وتعاون بين جميع هذه الجهات. وفيما يتعلق بإعادة التوطين في دول أخرى، تتواصل المفوضية مع دول "العالم الأول" لتوفير حياة أفضل للاجئين، وتُرسل هذه الدول وفودًا لمعاينة واختيار اللاجئين، ثم تسلم الملفات للمنظمة الدولية للهجرة التي تقوم بتهيئتهم للعيش في البلد المضيف.
الجدير بالذكر أن المكتب القيادي لمجتمع اللاجئين السودانيين تصدى للأزمة وعقد اجتماعات مهمة مع مفوضية اللاجئين، والحكومة اليوغندية مطالبا إياهم بالقيام بواجبها في حماية اللاجئين السودانيين. وأسفرت الاجتماعات عن قرارات أسهمت في فرض الاستقرار، وأكد المكتب القيادي على حق جميع اللاجئين في العيش بسلام وتقسيم الموارد المتاحة، مشيرًا إلى أن لديهم "غرفة قانونية محترفة وخبيرة" لمتابعة الحقوق الجنائية والإنسانية، وقد تم فتح بلاغات فردية لجميع المصابين.
من جهته، عبر عبد الله حسن "شعيرية"، منسق المكتب القيادي لمجتمع اللاجئين السودانيين في مخيم كرياندونغو عن خيبة أمل كبيرة من موقف الحكومة الأوغندية، واصفًا إياه بـ "الضعيف ويكاد لا يوجد له أي أثر يذكر". منوها إلى أن القوة العسكرية التي حضرت للسيطرة على الموقف سرعان ما انسحبت، تاركة اللاجئين يواجهون الهجوم العنيف بمفردهم.
وقال عمر عبد الله أحد اللاجئين بالمعسكر لـ"سودان سكوب" إن الإجراءات الأخيرة أسهمت في استقرار الوضع مما يمكن أن يفتح الباب أمام النازحين، وأشاد عمر بوقوف المنظمات الحقوقية وكل كل اللاجئين السودانيين يوغندا بما بذلوه من جهد حتي يعم الأمن والأمان اللاجئين السودانيين.
وبين كل هذا يبقى وضع اللاجئين السودانيين بين فرارهم من (نار) الحرب ووقوعهم في (رمضاء) العنف.. متمسكين بأمل قادم يبدو من سجالات السياسة واستمرار المعارك العسكرية.. أنه قد يتأخر عليهم.