الخرطوم-سودان سكوب
تجدد الجدل حول الخلافات القديمة الخاصة بمثلث حلايب وشلاتين، المنطقة الحدودية المتنازع عليها بين مصر والسودان، بعد تقارير غير مؤكدة تشير إلى أن السودان قد اعترف رسميًا بالسيادة المصرية عليها. تعود جذور النزاع إلى حقبة الاستعمار البريطاني، حيث اختلفت التفسيرات في البلدين حول الحدود الفاصلة وفق اتفاقيات تاريخية تعود للعام 1899، مما جعل المنطقة نقطة توتر مستمرة. واليوم، تطفو القضية على السطح مرة أخرى، ولكن هذه المرة في سياق سياسي جديد. وقد استولت الحكومة المصرية على المثلث بالقوة العسكرية اثر محاولة اغتيال فاشلة للرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك في أديس ابابا، قام بها نظام الجبهة الإسلامية بقيادة الرئيس المخلوع عمر البشير.
تقرير فرنسي يثير الجدل
أثارت التقارير التي نشرها موقع "reseau international" الفرنسي موجة من الجدل، حيث زعم الموقع أن رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، أصدر تعليمات باعتماد خريطة تدرج المثلث داخل الحدود المصرية. ربط التقرير هذا التطور بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين السودان والمملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أن أي اتفاق بين البلدين لن يمس مصالح مصر في المنطقة.
ردود الفعل المصرية: تأكيد رسمي أم صمت حذر؟
على الجانب المصري، تناولت العديد من وسائل الإعلام المصرية مسألة التقرير الفرنسي. فبينما لم يصدر أي تأكيد أو نفي رسمي من القاهرة، فإن وسائل الإعلام المصرية تناولت الخبر بشكل يخدم الرواية المصرية القائلة بملكية المثلث لمصر، معتبرةً إياه نهاية طبيعية لنزاع تاريخي. وركزت بعض التحليلات على أن الخطوة السودانية، إذا صحت، هي اعتراف بالواقع القائم منذ سنوات، وأنها قد تساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين. هذا التناول الإعلامي يعكس رغبة مصر في ترسيخ سيطرتها على المنطقة، لكنه يظل حذرًا في ظل غياب أي تأكيد رسمي من الجانب السوداني.
النفي السوداني وغياب الأدلة
في المقابل، لم تصدر الحكومة السودانية أي بيان رسمي يدعم هذا الادعاء، بل اعتبرته بعض وسائل الإعلام المحلية "كذبًا وافتراءً". و نشرت بعد الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تصريحات سابقة لعبد الفتاح البرهان، الذي أكد فيها أكثر من مرة، أن السودان لن يفرط في "شبر من أرضه" وسيواصل المطالبة بسيادته على حلايب وشلاتين. ولكن في المقابل يشير العديد من المراقبين والمحللين السودانيين إلى امكانية حدوث الأمر بالفعل في ظل غياب مؤسسات الدولة التي تقوم بالتشريعات وضبط الأداء التنفيذي العام، ويشير البعض إلى الموقف المصري المناصر لسلطة الفريق عبدالفتاح باعتباره الممثل لسلطة وشرعية النظام القائم في خضم التنازع على على الشرعية مع تحالف "تأسيس" الذي شرع بالفعل في تشكيل حكومة موازية، وهو موقف عبرت عنه الأوساط الرسمية المصرية بوضوح في عدة مناسبات خلال هذه الحرب، مما يشي باحتمال مقايضة الفريق البرهان المثلث بالموقف الداعم له في الحرب ضد قوات الدعم السريع بحسب بعض التحليلات.
وفي غياب الرواية الرسمية في البلدين، يعثر على الباحثين الحصول على الحقيقة في ظل التعتيم الرسمي عليها، ويظل الأمر برمته رهنا للتكهنات والفرضيات التي قد تصح أو تخطيء.