القاهرة-سودان سكوب

أجبرت حرب أبريل 2023 ملايين السودانيين على مغادرة البلاد بحثاً عن الأمان، ومن المعلوم أن هذه الحرب لم تكن الأولى التي تواجه أبناء السودان فقد حجز السودانيون مكانهم منذ زمن طويل بمعسكرات اللجوء في تشاد وأفريقيا الوسطى ويوغندا، وهرب بعضهم بعيداً عن القارة لعله يجد مستقبلاً أفضل له ولعائلته، فمنهم من قضى في الطريق، فيما بلغ اخرون محطات اللجوء البعيدة وتغيرت حياتهم للأفضل، لكن الوطن الذي تركوه خلفهم انفجر بمن فيه وما فيه.
تمتلك المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مقراً في مصر قبل استقلال السودان، ومع اندلاع الحروب في البلاد أصبح السودانيون أحد الشعوب التي ترتاد مقار المفوضية في القاهرة والإسكندرية بصفة مستديمة، وقدمت لهم المفوضية خدمات جيدة خلال عقود، حيث حصل الكثيرون منهم على حماية ومساعدات وإقامة شرعية في مصر، فيما استفاد العديد من اللاجئين من حق إعادة التوطين.
الان، بعد اندلاع الحرب الشاملة، وصل مئات الالاف من السودانيين إلى مصر، هرباً من الموت الذي يطاردهم وبحثاً عن فرص حياة أكثر إنسانية يمكنهم توفيرها لأطفالهم، لكن في الضفة الأخرى لم تعد المفوضية هي ذاتها المفوضية التي وفرت كافة أشكال الحماية لأسلافهم من اللاجئين، إذ واجه السودانيون في مصر مجموعة من التحديات الكبيرة التي تؤثر بشكل مباشر على حياتهم اليومية. تتضمن هذه التحديات الصعوبات التعليمية والرعاية الصحية، حيث يعاني اللاجئون من مشاكل في الالتحاق بمؤسسات التعليم والحصول على الرعاية الصحية اللازمة، مما يؤثر سلبًا على مستقبلهم وصحتهم، أيضا هناك معضلة أخرى تواجه السودانيين الهاربين من جحيم الحرب، إذ تواجه الشريحة الأكبر من اللاجئين نقصًا في فرص العمل، مما يفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعانون منها.
وفي سياق ذي صلة، أغلقت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مؤخراً مكتب الإسكندرية، وتم تحويل خدماته إلى المكتب الرئيسي في القاهرة، مما سبب ازدحاماً كبيراً في المقر الوحيد، وتحدثت مراسلة "سودان سكوب" إلى العديد من اللاجئات السودانيات المتواجدات في صفوف الانتظار بمقر المفوضية في القاهرة.
وكانت الشكوى الأساسية هي قضاء وقت طويل في الصفوف انتظاراً لاستكمال الإجراءات، مما يعرضهن لمخاطر مثل السرقة، ويؤدي إلى تأخير الحصول على الإقامة.
وأشار البعض إلى قلة الدعم المالي، الذي لا يتجاوز 10% في معظم الحالات، بالإضافة إلى توقف بعض المساعدات لفترات طويلة تحت حجج نقص التمويل.
وتحدثت "سودان سكوب" إلى سيدة سودانية تنتظر استكمال إجراءاتها، فقالت إن غياب الحقوق الأساسية يمثل التحدي الأساسي، حيث يواجه اللاجئون عوائق إضافية نتيجة لمواعيد الإقامة البعيدة، التي قد تصل إلى عام 2028. هذا يؤثر على قدرتهم في ممارسة حقوقهم الأساسية، مثل التعليم للأطفال أو أي تعاملات رسمية، مما يزيد من شعورهم بعدم الأمان والقلق، وتتسبب هذه التحديات بزيادة الضغط النفسي والاجتماعي على اللاجئين بشكل عام وعلى اللاجئات المسؤولات عن أسر وأطفال.
وعبّرت لاجئة أخرى عن قلقها بسبب تأخر موعد تجديد الكرت الخاص بها، إذ حدد لها تاريخ تجديد في العام 2028 بعد انتهاء صلاحية إقامتها في مارس 2025، بينما أشارت لاجئة غاضبة إلى أنها تواجه أزمات كبيرة بسبب تحديد موعد تجديد الكرت في ديسمبر من هذا بما لا يتناسب مع الوضع التعليمي لأبنائها، كما أنها لا تعرف حقاً شرعية وجودها داخل الدولة، وأصبحت تمنع أبنائها من الخروج خشية القبض عليهم وترحيلهم للسودان!
وقبل أن نغادر مقر المفوضية بثت احدى اللاجئات شكواها عبر "سودان سكوب" بقولها أن لديها ملف واحد مع أختها ووالدهم الرجل المسن الذي يقوى بالكاد على الحركة، مضيفة أن صلاحية البطاقة انتهت منذ عدة أشهر، وقد تم تحديد موعد جديد نهاية العام، ولا تدري كيف سيمضون حياتهم بدون أي حقوق إلى ذلك الوقت، بينما اقترحت لاجئة أخرى تقف بجانبها إلى ضرورة التفاوض مع الحكومة المصرية لتحسين أوضاعهم وزيادة فترة الإقامة، بما يتماشى مع تجارب دول أخرى مثل يوغندا.